من المعروف أن معجزة شفاء السيد للمولود اعمى من أعظم المعجزات التى دلت على الكثير من الأمور الهامة التى تساعد كل نفس على الحياة فى ظل الرجاء والمثابرة واليقين بوعود الرب المباركة ..
كما أنه غنى عن التوضيح أن هذه المعجزة هى رسالة قوية لكل الذين انكروا الوهية السيد ، إذ ظهرت فى هذه المعجزة قدرته ليس فقط على الإبراء والتحرير و ما قد تعودنا على رؤيته فى معجزاته الاخرى من حكمة وقوة وتنبؤ ، بل وقدرته على الخلق ، وبهذا أكد بما لا يدع مجالا للشك قدرته اللاهوتية ، بل وحقيقة لاهوته ..
ولان هذه المعجزة تحمل لأرواحنا المزيد والمزيد من التوجيهات الهامة للنصرة والشفاء ، كما تحمل مزيدا ومزيدا من التحذيرات لنفوسنا التى أصيبت بالضعف والشكوك والحيره ، فسوف الخص ما أرغب فى الحديث عنه فى النقاط التاليه : :
من هو المولود أعمى ؟ هو إنسان استحق ان يكون شاهد على مجد صنيع الرب وقدرته ، هو إنسان استحق أن يعاين مجد عمل الرب فى حياته ، هو إنسان استحق بسبب إيمانه أن يتغير ويفرح ويخرج إلى النور ، هو إنسان لم ترهبه المخاوف عن الشهادة للحق ، هو كل إنسان استحق بسبب صبره أن يرى فى حياته عمل نعمة المسيح المغيرة للحياة والقادرة أن تحول كل نوح ويأس وحزن فى الحياة إلى روح تسبيح وفرح وسرور ..
+ معجزة السيد مع المولود أعمى تؤكد لنا أن الله مهتم بكل أحد ويبحث عن كل محتاج وذليل ، وإذ راى ( هو ) المولود أعمى وأتى إليه مانحا إياه الشفاء ، فهذا دليل على سعيه الدأوب لسد حاجة المعوزين والمحتاجين .. " و اطلب الضال و استرد المطرود و اجبر الكسير و اعصب الجريح و ابيد السمين و القوي و ارعاها بعدل "
(حز 34 : 16) ..
+ لا تتعجل فى الحكم على الاخرين أو تشك فى تصرفاتهم معللا ما يئنون منه من أمراض ومشاكل بالمستوى المنخفض لحياتهم الروحية ولعدم نقاوتهم ، لان ليس كل ضيقة يمر بها الإنسان هى نتيجة لما اقترفه من خطايا وشرور ، فما أكثر الضيقات التى يمر بها المرء لامتحان إيمانه بالرب ، الم تقرأ كيف طوب الرب الذين يصبرون فى التجربة التى أتت على حياتهم لامتحان إيمانهم " طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة لانه اذا تزكى ينال اكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه (يع 1 : 12) ؟ الم تقرأ ما ذكره الوحي المبارك فى تعزية المجرب التقي حينما قال : و اذ كنت مقبولا امام الله كان لا بد ان تمتحن بتجربة (طوبيا 12 : 13) ؟!
+ معجزة السيد مع المولود أعمى تؤكد لنا أن المرض كما يكون فى بعض الأحوال نتيجة للخطية ، يكون فى أحوال أخرى لمجد الله و امتحان الإيمان ، ومعيار التفرقة بين المرض الذى هو نتيجة العيش فى الخطية والأخر الذى يأتي على حياة الإنسان لمجد الله وامتحان إيمان الإنسان بالرب هو الرجاء ، فالرجاء يلازم الألم الذى يجتاز به الإنسان المدعو للحياة فى ظل قداسة السيرة ، أما الألم الذى هو ثمرة الخطية فلا يحمل معه أدنى رجاء من الرب ..
+ فكر الله مقدس ومختلف تماما عن الفكر البشري ، فحسب المنطق لا يصلح الطين كوسيلة لزرع أو إصلاح عضو فى جسد الإنسان ولكن حسب منطق المسيح كان الطين هو الوسيلة لزرع عينين للمولود أعمى .. فلنخضع لتدبير الله وعمله فى حياتنا وإن كان يبدو غريبا ولا يتماشى مع العقل أفضل من ان نسلك حسب شر أفكارنا ولا نقبل إرادة الله فنصير إلى مستوى المرذولين من نعمته ومواعيده ...
+ كل عمل من الرب لأجل تحرير نفسك من فسادها وشرها وفسادها يجب أن تُظهر أمامه كل طاعة و رضا وخضوع ، وإن كلفك هذا العمل مزيدا من الانتظار والمعاناة والتخلى فلابد وان يكون ذلك فى إطار من الفرح والشكر والمثابرة ، ولو دفعك هذا العمل للشهادة والموت لأجل المسيح فاعلم أن رفضك لذلك لا يكون فقط سببا فى مفارقة روح البركة لحياتك كل أيام حياتك على الأرض بل وسببا لحلول غضب الله عليك حتى المنتهى ..
+ لم يكن إتمام عمل معجزة السيد للمولود أعمى متوقفا على اغتسال هذا الأعمى فى بركة سلوام ، لكن أراد السيد من إرساله أن يوضح لنا عدة أمور والتى من بينها طاعة هذا الأعمى ، مثابرته ، إيمانه الذى جعله لا يتذمر، كما أردا السيد أن يعلن لنا تأكيده لما كُتب بعد هذه المعجزة فى رسالة يعقوب أن " الإيمان بدون أعمال ميت " (يع 2 : 20) ..
+ لا تقاوم عمل الله لأجل أغراضك الشخصية البعيدة عن فكر الإنجيل وتدبير الله ، بل اعطي مجدا لله كل حين ، وقت صنيعه معك ووقت صنيعه مع أعداءك ، لان هذه هى إرادة الله أن نمجده ونشكره على كل حال ومن أجل كل حال وفى كل حال ، كما أن فى ذلك تحقيقا للمكتوب " فرحا مع الفرحين (كل الفرحين سواء كانوا اعدئنا أم احبائنا ) و بكاء مع الباكين ( كل الباكين سواء كانوا اعدئنا و احبائنا ) " (رو 12 : 15) ..
+ احذر أن تستخدم ما أُعطى لك من سلطان فى ظلم الاخرين والافتراء عليهم ، لان الرب منتقم لكل أفعال الظلم والافتراء ، لذا اترك قيادة أفكارك وأعمالك وخطواتك لروح الله القادر أن يقودك إلى حيثما توجد السلامة والبركة والخلاص ، وليتك تضع امامك قول حكيم الأجيال سليمان " فوق العالي عاليا يلاحظ و الاعلى فوقهما " (جا 5 : 8) ..
+ يعوزنا دائما الصلاة بلجاجة حتى نستنير بالروح ونكون اهلا لأن نتكلم عن حق الإنجيل ونكرز به .. ولأن ذلك يحقق فى حياتنا ليس فقط قدرة على الفهم واستحضار ما نريده من أمور فى الذهن وقت الإرشاد والتوجيه بل وقدرة على تمييز الأمور بحكمة ونجاح ، وهذا ما يساعد كثيرا على الثمر والانتصار ..
+ معجزة السيد مع المولود أعمى تؤكد لنا أن مجيئه لم يكن للدينونة بل للتحرير والشفاء والخلاص " روح السيد الرب علي لان الرب مسحني لابشر المساكين ارسلني لاعصب منكسري القلب لانادي للمسبيين بالعتق و للماسورين بالاطلاق " (اش 61 : 1)
+ معجزة السيد مع المولود أعمى تؤكد لنا ان حنان الله غير متناهى وغير محدود ولا يمكن ان يعطله شىء ، حتى ولو كان الإنسان المستفيد من عمل الله مدرج فى قائمة المرضى نتيجة خطاياهم أو الميئوس من شفاءهم نتيجة استعصاء أمراضهم ..
+ معجزة السيد مع المولود أعمى تؤكد لنا أن لكل شىء تحت السموات وقت وأن التجربة زمنية وهى دائما فى حدود استطاعة الإنسان ، كما ان المنفذ مؤكد ومفرح ومغير تماما للنفس و الروح والجسد ..
+ معجزة السيد مع المولود أعمى تفتح لنا باب الرجاء والفرح واليقين بقدرة الله على جعل كل الامور تؤؤل لسعادتنا وسلامنا وفرحنا الدائم ..
+ معجزة السيد مع المولود أعمى تؤكد لنا ان الإتضاع سر من أسرار الوصول إلى الشفاء وإستعلان مجد الله فى الحياة ..
+ معجزة السيد مع المولود أعمى تؤكد لنا أن هذه هى إرادة الله لكل أعمي لم يبصر النور بعد : أن يرى النور ويعترف بالحق ويحتمل الألم من اجل الله ..
+ معجزة السيد مع المولود أعمى أن الله يبحث عن البسطاء والمذلولين والبائسين الذين لا يخجلون من ظروفهم وضيقاتهم ، بل يمجدون الله كل حين ولا يفترون عن الشهادة لمجد صنيعه فى كل مكان وزمان ..
+ معجزة السيد مع المولود أعمى تؤكد لنا أن التجربة كما تدفعنا للحزن النوح والمعاناة هى أيضا فرصة لإستحقاق الوجود فى ظل الفرح الحقيقي والتسبيح الدائم للرب والحياة فى معيته إلى الأبد ..
+ معجزة السيد مع المولود أعمى تؤكد لنا أن النفس التى حظت ببركة الرب وخلاصه لا تخشى خطر أو مجهول أو رعب الاخرين وإرهابهم ، بل تشهد عنه بكل حق ومجاهرة ، رغم التهديد والترهيب ، بل رغم السيف والتعذيب ..
+ لا خوف على الذين طُردوا من أجل الحق والشهادة له ، لأن الله قد سر أن يعطيهم أمجاد لا تنتهي وميراث لا يبلى ولا يضمحل محفوظ لهم فى السموات ..
صديقي ، من الأهمية بمكان أن نجتهد فى نوال كل بركة يدعونا الرب لكى نفرح بها فى حياتنا وتكون سبب تقدمنا فى الإيمان الحكمة والقامة والنعمة والمعرفة ، إن معجزة السيد للمولود أعمى دعوة غنية بالرجاء الذى يفرح قلب أى إنسان ، فلنتأمل فيها ونطلب من الله أن يفتح عيون قلوبنا حتى نرى من عجائبه ما يجعلنا لا نسكت عن تسبيحه والاعتراف لمجده فى كل الشعوب والأزمان . لك القرار والمصير !!