عيد ظهور جسد العذراء مريم أيقونة من كنيسة مارمينا بفم الخليج ترجع إلي القرن الثامن عشر الميلادي تمثل جسد العذراء مريم يحمله ملاكان إلي السماء وهي راكبة علي السحاب والرسول توما ممسكا بزنار العذراء مريم والجميع حول رؤوسهم الهالات النورانية,وأسفل الصورة جبل الزيتون ومدينة أورشليم وتري الرسل الأحد عشر يحيطون بقبر العذراء الفارغ والمسجل عليه عبارة صورت صعود جسد الست السيدة مريم.
منذ حبل السيدة العذراء بالمسيا ابن الله ، ملك الدهور ورب الارباب ، استحقت العذراء الطاهرة مريم كل مديح واطراء وتطويب مدى الأجيال. فالقديسة مريم هى أم الله ، وأم الكنيسة ، هى أم الله من اللحظة التى بشرها الملاك بقوله :" ها أ،ت ستحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع .. القدوس المولود منك يدعى ابن الله ".
هى ام الكنيسة لأنها فى حنانها وحبها ضمت أبناء الله .. فمنذ الايام الاولى لتأسيس الكنيسة .. كنيسة المسيح على الأرض نشاهد العذراء مريم فى وسطها . كانت مع التلاميذ بعد صعود الرب تصلى معهم .. وكانت الأم الحنون الشغوفه تشفع فى اولادها وتطلب عنهم .. وبعد صعود جسدها ، كانت تظهر لهم فى أماكن كثيرة من ربوع المسكونه لتقوى إيمانهم وتشفع عنهم فى ضيقاتهم وضعفاتهم . إختارها السيد المسيح دون نساء العالم كله وعبر قرون طويله .. لتكون أما" له وبهذا صارت أما" لنا بالتبعية.
علاقتنا بأمنا العذراء مبنيه على الاحترام والتقديس وحب وتكريم عبر الأجيال ، نحبها ، نتشفع بها ونطلق اسمها على كنائسنا وأديرتنا وبناتنا. وكثيرة هى الأعياد التى تعيدها كنيستنا لأمنا العذراء ولعل من أهمها هو عيد صعود جسدها الطاهر الى السماء والذى تحتفل به الكنيسة يوم 16 مسرى من كل عام قبطى والذى يتوافق مع 22 أغسطس حسب التقويم الميلادى.
يسبق ذكرى صعود جسدها الطاهر الصوم المعروف باسمها والذى تصومه الكنيسة بزهد وخشوع وتقام فيه القداسات والتماجيد .. ويصومه المسيحيين وغير المسيحيين فالعذارء تشفع فى الجميع ، ومعجزاتها تشمل الكل.
يذكر السنكسار أن هذا اليوم ( 16 مسرى ) أنه تذكار صعود الجسد الطاهر ولكن فى نهاية الكلام يذكر انه عيد ظهور جسدها الطاهر. والذى حدث أنه بعد أن دفن التلاميذ جسدها الطاهر بعد نياحتها ( 21طوبة) ، وأغلقوا القبر ، أبرق من حولهم فجأة نور من السماء ، فسقطوا على وجوههم وجاءت الملائكة وحملوا الجسد الطاهر وصعدوا به الى السماء دون أن يشعر بهم أحد.
فى هذه الأثناء كان توما الرسول قادما" من الهند محمولا" على سحابة نورانية وشاهد جسد العذراء صاعدا" الى السماء فصرخ لها أن تباركه فسقط زنارها والتقطه توما الرسول الذى كان مشهورا" بتشككه فى قيامة الرب وفرح بهذه البركة العظيمة.
ذهب توما للتلاميذ وأخبروه بنياح السيدة العذراء ، فتظاهر بعدم تصديقهم وذهبوا به للقبر فوجدوه فارغا" وتحيروا فى ألمر جدا" .. ولكن توما الرسول أخبرهم بما رأى وآراهم زنار السيدة العذراء. يقول التقليد ان الرسل صاموا وصلوا ليروا كيف صعد الجسد الطاهر ووعدهم رب المجد أنهم سيرون بأعينهم الجسد الطاهر صاعدا" إلى السماء.
وفى السادس عشر من شهر مسرى أى بعدما يقرب من سبعة شهور وهو اليوم الذى تحتفل فيه الكنيسة بعيد صعود جسدها الطاهر رأى التلاميذ الجسد محمولا" على أجنحة الملائكه صاعدين به الى السماء. إننا نفرح بأعياد أمنا العذراء ونحس ببركتها وشفاعتها عن أولادها، فهى الملكه الحقانيه الجالسة من يمين الملك والتى صار لنا بابنها المتجسد منها خلاصا" من خطايانا.
هى أم السلام والتى كثيرا" ما تجلت لتبشرنا بالسلام وتطمئنا من مخاول العالم واضطهاداته ولتقول لنا أنا معكم .. أحس بكم واتشفع عنكم .. فلا تخافوا ولا تقلقوا.
عندما بشرها الملاك قال لها :" السلام لك يا ممتلئة نعمة "... والأمتلاء من النعمة يلزمه تفريغ القلب من العالم والعالميات. خدمة النعمة هى خدمة إنكار الذات وخدمة الصمت والعمل فى الخفاء .. والعذراء مريم كانت خير مثال لذلك ، فهى لم تخدم عندما يطلب منها أحد .. بل كانت تخدم دون أن يسألها أحد .. فهى خدمت اليصابات نسيبتها دون أن تسألها ، وخدمت التلاميذ بل وهى طفله كانت تخدم فى الهيكل.
وكنيستنا القبطية تكرم أمنا العذراء وتعطيها حقها من الأحترام والتبجيل .. يكفى ان أيقونتها دائما على يمين المذبح .. وكثيرا" ما جاء ذكرها فى صلوات القداس وفى التسبحات والتمجيدات والتذكارات .. بل خصصت شهر كيهك القبطى بأكمله لتسهر الجموع فى الكنيسة مرددين الحان وتماجيد وتسابيح ..
والكنيسة القبطية أيضا وقفت صامدة للدفاع عن أهم القاب السيدة العذراء " الثيؤتوكوس" أى والدة الإله وذلك فى مجمع أفسس المسكونى الذى انعقد بحضور 200 أسقفا" من كنائس العالم وذلك فى عام 431م ، ووضع المجمع مقدمة قانون الايمان " نعظمك يأم النور الحقيقى ونمجدك أيتها العذراء القديسة"..
هذه هى العذراء مريم كنز الكنيسة الخالد ، وجوهرتها النقيه وقدوة أبنائها وبناتها .. مغبوط من يتمثل بها ويتشبه بحنانها وعطفها.