لا تصادق رئيسا ) كانت هذه هى القاعدة الرهبانية المتكررة .التى يحض عليها بستان الرهبان – أشهر كتاب فى قواعد واختبارات وتجارب الرهبان الأوائل – وذلك يكشف عن رؤية مبكرة لفصل الدين عن السياسة . وصل إليها الفلاحون المصريون الذين اختاروا حياة الرهبنة والانعزال .كمبدأ أساسى لهم .لذلك نراهم يهربون من زيارة الأباطرة والولاة والرؤساء لهم .
فيذكر البستان عن الراهب بيمن المتوحد أنه قد ذع صيته واشتهر . فجاء ليزوره ( انسان رئيس ) – أى رجل ذو منصب ويرأس كثيرون – وعندما علم بيمن بذلك أحضر سلبه
وتسلق نخله .فحضر الرئيس ولم يجده .وهى قصة تكررت مرات عديده مع رهبان أخرين .وتدل على أن البعد عن أصحاب المناصب غنيمه ومن ناحية أخرى نجد مجموعة من كبار الرهبان والقديسين يقدمون نصائحهم وخلاصة تجاربهم فى الحياة للرؤساء على مختلف مناصبهم سواء أكانوا رؤساء دينين أو ولاة وأباطرة وحكام وكلها حكم ونصائح تصلح لتكون جزءا من الأدب السلطانى أو القواعد التى يهمس بها هذا التراث المسيحى المصرى المنسى لرئيس مصر القادم ...فهل يسمع لهم شهوة البطن عرف المصريون عن الولاة الإهتمام بشهوة البطن وأكل أشهى الماكولات حتى لو كان الشعب جاع .فاعتبرها الرهبان من الخطايا المدمرة للرؤساء .وعن ذلك يقول القديس موسى الأسود- من أباء القرن الرابع الميلادى – هامسا فى أذن رئيس مصر القادم (أبغض شهوة البطن لئلا يحيط بك الفاسدون .ضبط شهوة البطن يقلل من شهوات أخرى كالطمع والزنا .شهوة البطن اساس كل الاوجاع ) العمل لا الكلام أما المتوحد الأب اغاثون – من قديسى القرن الرابع – فيقول لرئيس مصر القادم (أن السيرة الفاضلة بدون كلام نافعة .أما الكلام بغير عمل فهو باطل لأن أحدهما بسكوته وعمله ينفع والأخر بكثرة كلامه يقلق .فإذا استقام القول مع العمل كملت فلسفة الحاكم )
ويشرح القديس ماراسحق هذه النصيحة مؤكدا على أهمية العمل – لا الدعاية ولا الشعارات – فيقول (مثل المصور – الرسام – الذى يصور الماء فى الحائط ولايقدر
ذلك الماء المرسوم أن يبرد عطشه .وكمثل المرء الذى ينظر الأحلام .كذلك الإنسان الذى يتكلم من غير عمل ).
وعن أهمية العمل والإنجاز ينصح القديس باخوميوس – مؤسسة رهبنة الشركة أى الحياة المشتركة بين الرهبان فى القرن الرابع والذى عرف الاشتراكية وعاش بها قبل
ماركس بقرون عديدة – الحاكم والرئيس محذرا فيقول (لاتقضى أيامك بالتوانى كما مر العام الماضى كذلك هذا العام وكما مر أمس كذلك اليوم فإلى متى تكسل – وتظن أن هذا هو الإستقرار – استيقظ وأيقظ قلبك قبل أن يوقفك مكرها فى يوم الحكم لتعطى الجواب عن جميع ما صنعت – أو أن تقوم ثورة ضدك وتضع فى القفص – فكن رجلا قويا فى جميع تدابيرك ولاتفسد يوما واحدا من عملك وتحقق مما تقدمه.
أما القديس ماراسحق المعلم الروحانى الكبير فيضع أمام الرئيس وطبقات الناس خمس فضائل يؤكد أن بدونها يكون الحاكم وطبقات الناس فى لؤم .أما إذا حفظها الحاكم فيخلص من كل مضره ويصير محبوبا عند الله والناس وهى جسد عفيف .لسان محترس .زهد فى الرغبه والشره .كتمان الشر فى سائر الأشياء.بغرض مستقيم الهى .وإكرام كل طبقات ومراتب الناس – بلا تمييز أو عنصرية – لأن الذى يكرم الناس يكرم هو أيضا منهم .كما يأخذ المجازة من الله .لأن الكرامة توجب الكرامة .والإزدراء يجلب الإزدراء .والذى يكرم الله هو أيضا يكرم منه وعلى منوالها يقول القديس يحنس القصير للرئيس القادم (ليكن كل واحد كبير فى عينيك ولاتهن اللذين هم أقل منك مكانة أو معرفة )
البطانه الفاسدة والمنافقون وحول التحذير من حاشية السوء والبطانة الفاسدة نجد مجموعة من أقوال الأباء المهمة التى نتمنى أن يقراءها ويعمل بها رئيس مصر القادم من ذلك يقول مار أسحق (صديق غير حكيم يشبه سراجا فى شمس .ومشير – أى مستنشار – أحمق كضرير مرشد )و (حالة تفتت القلب هى مجالسة غير الحكماء إذ أنها فخ مخفئ )ويقول أيضا للرئيس (صديق جاهل هو ذخيرة خسارة .مشاهدة الندبات فى منزل البكاء أفضل من رؤية حكيم تابع لاحمق )و (جالس المجذوميين ولاتجالس المتعظمين ) و( العادم من الأصدقاء المغرورين عادم من الضنك ).
وللتحذير من المنافقين والإعلام الكذاب يقول القديس موسى الأسود للرئيس القادم (تمجيد الناس يولد لك البذخ وتعاظم الفكر ) و(حب الإطراء من شأنه أن يطرد المعرفة )ويشرح خطورة ذلك بالمثل القائل (على مثال الصدا الذى يأكل الحديد كذلك يكون مديح الناس الذى يفسد القلب إذا مال إليه وكما يلتف اللبلاب على كرم العنب فيفسده كذلك السبح الباطل والنفاق الكاذب يفسد نموك ) سيدى الرئيس وفى الإطار نفسه تقول الراهبة القديسة سفرنيكى – من راهبات القرن الرابع ايضا – ( كما ينحل الشمع قدام النار كذلك نفس الإنسان الرئيس قدام المديح تنحل قوتها ).
تكونت العشوائيات فى مصر بدء من عشة صفيح .لذلك تأتى نصيحة الشيخ الروحانى يوحنا سابا لتكون دستور عمل للرئيس فيقول (أن أرفع الصلاح كله هو أن تقلع العشب الذى هو الزوان .قبل أن يصير غابة )
بل والعجب أن نجد طائفة من هولاء القديسين يحذرون رئيس مصر القادم من مشكلة البطالة فيقول القديس موسى الأسود له(اياك والبطالة لئلا تحزن ...لأن البطالة موت وسقطة للنفس )ويقول القديس نيلس (أن البطالة هى مصدر رداءة الأعمال )