الحروب الروحية سمح بها الله لفائدتها... ووراءها أكاليل. وعلى رأى أحد القديسين الذي قال: لا يكلل إلا الذي انتصر. ولا ينتصر إلا الذي حارب. فهي من جهة الله اختبار لحرية إرادتنا، وإعطاؤنا الفرصة التي نستحق بها خيرات الملكوت، إذا انتصرنا... أما من جهة الشيطان، فمن طبيعته أن يقاوم ملكوت الله، ويحارب الساعين إليه. وهو يحارب الله في شخص أولاده. ويشتكى عليهم كما حدث في قصة أيوب الصديق (أى 1، 2). وهو يحسد السالكين في حياة البر، لكى لا ينالوا البركة الإلهية التي حرم هو منها. وحروب الشياطين هي ضد الكل، لم ينج منها أحد. ونحن حينما نتكلم عن هذه الحروب، إنما نقصد الحرب التي يثيرها الشيطان وكل جنوده وأعوانه. منذ أيام آدم وحواء وإبنهما قايين، والشيطان قائم يحارب، يحاول بكل جهده أن يلقى البشرية تحت حكم الموت الأبدي. وقد أسقط أنبياء ورسلاً، وأشخاصاً حل عليهم روح الرب مثل داود وشمشون اللذين تابا، ومثل شاول الملك الذي رفضه الرب، وفارقه روح الله "وبغتة روح ردئ من قبل الرب" (1صم 16: 14). فلا تظنوا أن حروب الشياطين هي للمبتدئين فقط أو للخطاة. كلا، فهو يحارب الكل، مهما كانوا نامين في النعمة، بل يحارب هؤلاء بالأكثر، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. لذلك على كل إنسان أن يحترس، وأن لا يظن بأنه قد ارتفع فوق مستوى حروب معينة. ولنتذكر أن معلمنا داود النبى حورب بخطية زنا وسقط فيها، مع أنه كان قد حل عليه روح الرب وصار مسيحاً له... إن الشيطان يريد أية فريسة. وقد وصفه القديس بطرس الرسول بعبارة خطيرة قال فيها: "إبليس خصمكم كأسد زائر، يجول ملتمساً من يبتلعه هو" (1بط5: 8). وهو دائم الجولان لصيد فرائسه. ولما سأله الرب (في قصة أيوب) "من أين جئت؟ "أجاب في صراحة "من الجولان في الأرض ومن التمشى فيها" (أى 1: 7، 2: 2). وطبعاً الغرض من هذا الجولان هو البحث عن أية فريسة يسقطها..
|