ديرالمحارب-غربالاقصر | التاريخ: الأربعاء, 2011-07-20, 3:47 PM | رسالة # 1 |
عضو نشيط
مجموعة: المدراء
رسائل: 85
| من المشكلات التي يعاني منها شبابنا العربي مشكلة العزوف عن الاشتغال بالأعمال اليدوية . وتبدو هذه الظاهرة في تحاشي كثير من الشباب الالتحاق بالأعمال والمهن والحرف الفنية كالنجارة والسباكة والحدادة والبرادة وغير ذلك
ويشعر الشاب بالخجل والعار من ممارسة مثل هذه الأعمال ، ويفضل عليها الأعمال الكتابية والمكتبية ، وإن كانت لا تدر عليه إلا ربحاً قليلاً جداً . فعلى الرغم من ارتفاع أجور المهن والحرف الفنية ارتفاعاً كبيراً إلا أن الشباب مازال يمتنع عن الالتحاق بهذه الأعمال وينظر إليها نظرة إحتقار وامتهان
ولقد أدى هذا العزوف إلى حدوث نقص كبير في العمالة الفنية في عالمنا العربي ، وأصبحنا في حاجة ماسة إلى وجود أعداد متزايدة من العمالة الماهرة ونصف الماهرة وذلك لسد احتياجات مشاريع التنمية والمشاريع العمرانية والإنتاجية الخاصة والعامة . وأدى ارتفاع مثل هذه العمالة في أجورها وندرتها إلى عرقلة حركة الإنتاج وارتفاع تكلفة السلع والوحدات المنتجة بصورة خيالية . وجذبت أسواق العمالة القادرة على دفع الأجور الباهظة أرباب الكفاءات الفنية إليها ، بينما بقي الصبية وقليلو الخبرة ليقوموا بعبء العمالة الفنية في مجتمعاتهم الأصلية ، مما أدى إلى إنخفاض جودة الأعمال التي يمارسونها وينعكس ذلك بطبيعة الحال على مستوى الدخل الوطني والفردي ، فضلاً عن حدوث فجوة عميقة في مستويات المعيشة بين أرباب الأعمال اليدوية التي ارتفعت أجورها ارتفاعاً خيالياً وبين أرباب الأعمال العقلية والذهنية أو الكتابية والمكتبية . كما أدى ارتفاع أجور العمالة الماهرة إلى ارتفاع الأسعار وعجز رواتب أصحاب الدخول المحدودة عن الوفاء بمتطلبات الحياة . ومؤدى ذلك أن مشكلة احتقار الأعمال اليدوية وإن كانت مشكلة تخص الشباب إلا أن لها انعكاسها على الحياة الاجتماعية والاقتصادية برمتها ، الأمر الذي يجعل التفكير في أسبابها وفي علاجها أمراً حيوياً ومازال المجتمع ينظر مع الأسف الشديد لهذه الأعمال نظرة أقل من نظرته للأعمال الذهنية . ومن الأسباب المسئولة كذلك عن هذه الظاهرة قلة التوعية الاجتماعية والاعلامية بهذه المهن وبأهميتها ، وببيان أنها لا تقل قدراً ولا شرفاً عن الأعمال الذهنية ، وكذلك فإن اتجاه الأسرة العربية وطموحها يجعلها تدفع بأبنائها جميعاً ، سواء كانت قدراتهم الطبيعية تؤهلهم للدراسة أو لا تؤهلهم ، تدفع بهم إلى مجالات الدراسة حتى وإن كانت تعلم أن مثل هذه الدراسة أو غيرها لن تدر على الأبناء إلا إيراداً قليلاً بالقياس إلى ما تدره الأعمال اليدوية . فالأسرة تشعر بشيء من الاعتزاز عندما ترى ابنها جليس أحد المكاتب أو من أرباب أحد الدواوين الحكومية
ولعل من بين الأسباب التي تؤدي إلى النفور من الالتحاق بمثل هذه المهن ، مما يسيء إلى سمعة المهنة وأهلها . فكثير من أرباب المهن هم من يتعاطون الخمور والمخدرات أو لا يتمسكون بالقيم الخلقية في أعمالهم لخلل في تربيتهم الفكرية والثقافية وعزوفهم عن مجالس العلم والوعظ والإرشاد
كذلك من العوامل السببية لهذه الظاهرة انخفاض مستوى التعليم الأساسي بين المشتغلين بهذه المهن . والمعروف أن التعليم يرفع من مستوى كفاءة الفرد ، ويؤدي إلى استنارة عقله ، واحترام الناس له واحترامه لنفسه ، ولذلك فليس غريباً أن الفتاة المتعلمة قد ترفض شاباً حرفياً بينما تقبل الزواج من شاب آخر متعلم ، حتى وإن كان دخله يقل عن دخل زميله الحرفي ويتطلب ذلك القيام بحركة توعية واسعة وشاملة ، توجه بصفة خاصة نحو الشباب لبيان أهمية الأعمال اليدوية والحرف الماهرة وغيرالماهرة ، وأنها لا تقل قدراً ولا شرفاً عن الأعمال الذهنية ومن حسن الحظ أن إسلامنا الحنيف يحث على العمل والجد والاجتهاد والأكل من كد اليد ، حيث يقول الله تعالى ويستطيع رجال الوعظ والإرشاد أن يقوموا بدور إيجابي وفعال في حركة التوعية بأهية هذه الأعمال وبقيمتها في حياة الفرد والجماعة وكذلك فإن أجهزة الإعلام ومؤسسات الثقافة الجماهيرية مدعوة لتقوم بدور إيجابي وفعال في توعية الشباب وترغيبهم بهذه المهن . كذلك فإن الكتاب والمفكرين ودعاة الإصلاح ورجال التعليم تقع عليهم مسئولية الترغيب بهذه الأعمال ولا شك أنه من بين وسائل رفع مستوى العاملين بهذه المهن نشر التعليم الأساسي بينهم ، بحيث يحصل الشاب على قدر مقبول من التعليم الأساسي الذي يؤدي إلى استنارة ذهنه قبل أن يلتحق بمهنة معينة كذلك من العوامل التي تؤدي إلى احترام المجتمع لأرباب المهن اليدوية وضع ضوابط لأخلاقيات هذه المهن ، ومنع تفشي الانحراف أو الاستغلال بين العاملين فيها . ولتوفير الأعداد اللازمة من أصحاب هذه المهن يتعين على مجتمعاتنا العربية التوسع في إنشاء مراكز التدريب المهني والتلمذة الصناعية ، وكذلك عقد الدورات التدريبية في هذه المهن وللنهوض بأرباب هذه المهن ولجذب العناصر الصالحة إليها ينبغي توفير الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية لهؤلاء العمال ... وكذلك توفير الضمانات الوظيفية كالتأمينات ضد الوفاة والحوادث وكالمعاشات وما إلى ذلك .. وكذلك يمكن توفير هؤلاء العمال عن طريق تشجيع تعليم الهوايات المهنية بين الشباب ، وتستطيع المدارس والمعاهد والجامعات وكذلك النقابات والاتحادات والجمعيات الخيرية أن تسهم في تعليم هذه الهوايات المهنية . كذلك فإن القوات المسلحة - بحكم امتلاكها لأعداد كبيرة من الشباب - تستطيع أن تعكف على تدريبهم تدريباً مهنياً ، إلى جانب ما تقدمه لهم من التدريبات العسكرية ، وذلك ليسدوا الحاجة المتزايدة لأرباب هذه المهن بعد تسريحهم من الخدمة العسكرية
ابن المشرقي
|
|
| |